كشف رئيس وزراء السيسي مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحفي أمس الاثنين، أن الحكومة تعمل على خطة لتحريك أسعار بيع الكهرباء والخبز المدعوم، بما يتناسب مع الزيادة الرهيبة في الأسعار، وارتفاع فاتورة الدعم بنسبة 20% إلى نحو 636 مليار جنيه في موازنة العام المالي الجديد.
وأضاف مدبولي، الاثنين، أن مصر مضطرة إلى تحريك أسعار الخبز، لكن سيظل مدعوما بصورة كبيرة، والخبز من السلع الأساسية التي تحظى بدعم كبير في مصر، التي هي أكبر مستورد للقمح في العالم.
وأضاف قائلا: إن “مصر ستدرس موازنة أسعار منتجات الوقود بنهاية عام 2025 في مسعى لتخفيف العبء المالي على الميزانية الحكومية”.
وشدد رئيس الوزراء على ضرورة رفع أسعار رغيف الخبز على بطاقات التموين، الذي تنتج الحكومة منه نحو 100 مليار رغيف سنويا، وتبيعه للمواطن بقيمة 0.05 جنيه للرغيف، بدعم يتجاوز 100 مليار جنيه في العام، لا سيما أن الدولة رفعت سعر توريد القمح من المزارعين إلى 2000 جنيه للأردب، بتكلفة إجمالية تبلغ نحو 40 مليار جنيه سنويا، بخلاف القمح المستورد من الخارج بالدولار”.
وأضاف مدبولي، في المؤتمر الذي عقده بالإسكندرية، أن 60% وأكثر من الغاز الطبيعي الذي تنتجه مصر يذهب لاستهلاك الكهرباء، حيث تبلغ فاتورة الوقود المورد إلى محطات الكهرباء نحو 15 مليار جنيه شهريا، لا تدفع وزارة الكهرباء منها سوى 4 مليارات جنيه، علما بأن تكلفة استخراج الغاز على الدولة تبلغ 4.25 دولارات للمليون وحدة حرارية، في حين أنه يباع للكهرباء بمبلغ 3 دولارات فقط.
وتابع أن الحكومة ستسدد الأسبوع المقبل جزءا من متأخرات الشركاء الأجانب في حقول الغاز، مدعيا أن تكلفة إنتاج كل كيلوواط من الكهرباء يكلف الدولة نحو 2.23 جنيه، ما استلزم وضع خطة لزيادة أسعار الكهرباء تدريجيا على مدى الأربع سنوات المقبلة، مع استمرار دعم أقل ثلاث شرائح للاستهلاك.
وأكمل مدبولي أن الحكومة ثبتت أسعار بيع الكهرباء للمواطنين لمدة عام ونصف العام، بسبب الأزمات التي شهدها العالم وأثرت بالسلب على الأوضاع في مصر، مستطردا أن إنتاج الكهرباء لا يزال يعتمد بصورة كبيرة على الوقود التقليدي، في وقت يزداد عدد السكان سنويا، وحجم استهلاك الوقود والكهرباء بالتبعية.
وزاد قائلا: إن “استهلاك مصر من المنتجات البترولية والغاز الطبيعي يصل سنويا إلى ما يعادل 55 مليار دولار، منها 22 مليارا للوقود المستورد من الخارج، مشيرا إلى أنه كلف وزيري الكهرباء والبترول بوضع خطة عمل لوقف تطبيق قرار تخفيف الأحمال قطع الكهرباء يوميا عن المنازل والمحال، وذلك بحلول ديسمبر من العام الجاري بحد أقصى.
وواصل مدبولي أن الدولة لم ترفع أسعار بيع المنتجات البترولية بنفس مقدار الزيادة التي شهدتها الأسعار العالمية للنفط، وتراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار في الأعوام الماضية، منوها إلى وجود خطة لإعادة التوازن في أسعار الوقود بطريقة متدرجة، بحيث يظل السولار (الديزل) مدعوما، مع تعويض الفارق من خلال رفع أسعار منتجات البنزين.
وذكر أن الفجوة الدولارية هي المرض المزمن للاقتصاد المصري، إذ إن فاتورة الواردات أكبر من الصادرات، وموارد الدولة من الدولار لا تغطي مصروفاتها، ونتيجة لذلك تتعرض مصر كل فترة لأزمة اقتصادية، يتبعها إجراءات تؤثر على حياة الناس مثل تحرير سعر الصرف.
وقبل يومين، تحدث السيسي مجددا عن كلفة دعم رغيف الخبز، خلال افتتاحه بعض مشاريع الطرق في جنوب الوادي عبر تقنية “فيديو كونفرانس”، مؤكدا أن الرغيف المدعوم لا يزال يباع للمواطنين بخمسة قروش، بينما وصلت تكلفة إنتاجه إلى 125 قرشا، ما يرفع مخصصات دعم منظومة الخبز في الموازنة العامة ما بين 120 و130 مليار جنيه، وأشار السيسي إلى أن تكلفة دعم رغيف الخبز قفزت من 30 مليار جنيه إلى 130 مليارا، زاعما أن خلط الذرة مع القمح يحقق وفرا للدولة قيمته 600 مليون دولار سنويا.
وزاد السيسي: “البعض لا يرغب في الحديث عن موضوع رغيف الخبز، ولا أعلم لماذا فهو ليس عيبا أو حراما، عدد سكان مصر زاد بنحو 25 مليون نسمة منذ عام 2011، والإنتاج الزراعي لا يتناسب مع هذه الزيادة السكانية، ومن ثم نحن مضطرون إلى تنفيذ مشاريع ضخمة بتكلفة مالية كبيرة في مجال استصلاح الأراضي، وفق دراسات متكاملة لانتقاء أفضل أنواع الزراعات والمحاصيل، بما يساعد على ترشيد استهلاك المياه، والاستفادة القصوى من كل مصادرها المتاحة”، على حد تعبيره.
وفي خطاب إعلان النوايا الموقع في نوفمبر 2022 مع صندوق النقد الدولي، قالت مصر: إنها “سترفع أسعار معظم منتجات الوقود لتقريبها من الأسعار في أسواق الطاقة الدولية: ووافق الصندوق بموجب الاتفاق وقتها على إقراض مصر ثلاثة مليارات دولار، إلا أنه لم يصرف لها منه سوى 347 مليون دولار، قبل أن يوقف صرف الدفعات التالية، بسبب ما قال إنه عدم التزام مصر ببنود برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه، وفي مارس الماضي، رفع الصندوق قيمة التسهيل إلى ثمانية مليارات دولار، كما رفعت مصر أسعار مجموعة واسعة من منتجات الوقود في مراجعتها ربع السنوية في الشهر نفسه.
ظهر يتبخر
وأمس الأول الأحد، قال موقع “منصة الطاقة المتخصصة attaqa.net” المعني بأخبار النفط والغاز والمشتقات: إن “خطط تطوير حقل ظهر تواجه بعض التحديات والعقبات التي من شأنها أن تحول دون زيادة إنتاج أكبر حقل غاز في مصر، إلا أن وزارة البترول المصرية نفت ذلك، ونقلت المنصة التي تتخذ من واشنطن مقراً لها عن مصادر في شركة إيني الإيطالية كشفت في تصريحات خاصة لها أنها اضطرت إلى سحب سفينة الحفر سايبم سانتوريني من موقع حقل ظهر نتيجة عدم حصول الشركة على مستحقاتها لدى الحكومة”.
والاثنين الماضي، قال وزير الكهرباء ، محمد شاكر: إن “تطبيق خطة تخفيف الأحمال وقطع الكهرباء في مصر مستمر حتى نهاية العام الحالي، مؤكدا بذل الحكومة جهودا حثيثة من أجل السيطرة على أزمة انقطاع الكهرباء، وإيجاد حلول جذرية لها، مدعيا أن التحدي يتمثل في العقبات التمويلية المرتبطة بتكاليف إنتاج الكهرباء، والتفاوت بينها وبين سعر بيعها للمواطنين”.
ومع تلك التحركات ينتظر لمصريون أياما صعبة للغاية، في ظل ارتفاعات أسعار جميع السلع وغلاء كل شيء، كما ستؤثر زيادات الكهرباء والوقود في أسعار جميع السلع والنقل والمواصلات والغذاء وغيرها.
وعلى الرغم من خفض مخصصات التموين والدعم والوقود بالموازنة العامة للدولة، إلا أن السيسي ونظامه مصرون على المزيد من الخفض وتحميل المواطنين فوق طاقتهم.