حالات انتحار بالجملة بين طلاب الجامعات والسبب ليس الاكتئاب ولا الخوف من الامتحانات 

- ‎فيتقارير

حالات الانتحار بين طلاب الجامعات تكشف عن الأوضاع المأساوية التى يعيشها الشعب المصرى فى زمن الانقلاب الدموى بقادة عبد الفتاح السيسي حيث تزايدت هذه الحالات فى الفترة الآخيرة بصورة ملفتة سواءً فى صورة قفز من أعلى الكليات أو الشنق بحبل في سقف غرف المدن الجامعية وبالطبع ليس سبب اقدام هؤلاء الطلاب على الانتحار هو الخوف من الامتحانات أو الاكتئاب كما تبرر حكومة الانقلاب وإنما الفقر والأزمات الاقتصادية التى لا تجد حلولا فى زمن السيسي.

كان آخر هذه المحاولات محاولة انتحار طالبة الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر بالشرقية عبر قفزها من الطابق الرابع والذى أعاد إلى الأذهان حوادث مُشابهة ما أثار تساؤلات بشأن الأسباب التي تدفع طالبا أو طالبة للتخلص من الحياة؟  

 

جامعة الأزهر 

 

طالبة الفرقة الأولى بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر بالشرقية تدعى «مريم. هـ»، قفزت من الطابق الرابع بالكلية، أثناء توقيت امتحان النحو، في ظل تداول أنباء بانتحار 3 طالبات بالكلية لصعوبة الامتحان وتسبب قَفْز «مريم» من أعلى، فى إصابتها واثنتين من زميلاتها أثناء جلوسهما للمذاكرة أسفل المبنى.

عميدة الكلية الدكتورة أماني هاشم، زعمت أن الطالبة حاولت الانتحار بعد ضبطها متلبسة بالغش وتحرير محضر لها من قِبل مُلاحظة اللجنة خوفًا من الفضيحة خصوصًا وأنها من طالبات الفرقة الأولى الباقيات للإعادة وليست مستجدة، وقفزت الطالبة بعدما فشلت في إقناع المُراقبة بمنحها فرصة أخرى حرصًا على شعور أهلها، حسبما أكدت مصادر مُطلعة بالكلية.

 

كلية الحاسبات والمعلومات 

 

18 ديسمبر الماضي، شهد مأساة شبيهة لطالبة بكلية الحاسبات والمعلومات جامعة أسيوط، والتى اختارت القفز من الطابق الرابع بالمدينة الجامعية، جراء خوفها وقلقها من الامتحانات وأسفر سقوطها عن إصابتها إصاباتٍ بالغة، وتم نقلها للمستشفى الجامعي لتلقي العلاج.

فى يوم 20 نوفمبر الماضي ومن الطابق الرابع شهدت المدينة الجامعية بجامعة المنوفية، يومًا مأساويًا بسبب انتحار الطالبة «آية.أ» المقيدة بالفرقة الثالثة بكلية الاقتصاد المنزلي  بعد إلقاء نفسها من أعلى المبني. 

وشككت عائلة الطالبة الفقيدة، في مقتلها مؤكدة أنه لا توجد أية أسباب تدفعها للتخلص من حياتها، خصوصًا وأنها كانت مرحة وحسنة الخُلق. 

 

مشنقة عمر 

 

في 4 سبتمبر الماضي، شهدت إحدى غرف المدينة الجامعية للطلاب بالقاهرة، أشد المآسي قسوة، بعدما أقبل الطالب «عمر.م» بالفرقة الثالثة بكلية الطب البشري جامعة القاهرة، على شنق نفسه في سقف غرفته، أثناء فترة أدائه امتحانات الدور الثاني. 

والد «عمر» والذي كان حاضرًا -بالصُدفة بالمدينة الجامعية أثناء اكتشاف المأساة؛ لإتمام إجراءات إخلاء طرف نجله من السكن الجامعي، أكد أنه كان يعاني من ضغط نفسي بسبب المذاكرة والدراسة، وهو ما توافق مع نتائج التحريات التي كشفت أنه منطو ويقضي معظم الوقت في غرفته، منهمكًا في مذاكرته وليس لديه الكثير من الأصدقاء. 

 

اضطرابات الشخصية 

 

حول أسباب هذه الظاهرة أكد الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي وطب المخ والاعصاب بجامعة عين شمس أن زيادة حالات انتحار الطلاب يرجع إلى تزايد معدلات الاضطرابات النفسية، مثل الاكتئاب، وفي المُقابل يُحجم الطلاب عن العلاج، على الرغم من توافره بالمستشفيات الجامعية؛ لعدم وعيهم بوجود المرض.

 

وقال فرويز فى تصريحات صحفية ان اضطرابات الشخصية الحدية والتي انتشرت بشكل كبير بين الشباب، خصوصًا البنات، أحد الدوافع إلى الانتحار، مشيرًا إلى أن هذه الإضطرابات تجعل المريض يلجأ إلى إنهاء حياته كنوع من أنواع الضغط على أسرته أو التعبير عن النقص الذي يشعر به، في ظل بُعد المسافات بين الأسر، رغم أن علاقة الطالب بأسرته هي الأساس في حل أزماته ومواجهة مخاوفه. 

وأشار إلى أن الشخصيات العُصابية هي الأكثر تأثرًا بالضغوط، ولا تستطيع تحملها وينتهي بها الأمر إلى الانتحار، ولذلك ينتحر الطلاب خلال فترة الامتحانات خوفًا من الفشل، أو من العار كما حدث في حالة الطالبة التي تم ضبطها تغش مشددًا على أن تلك الشخصية تحتاج إلى توطيد العلاقة مع الأسرة لتجنب الوقوع فريسة للانتحار، ويجب أن تبتعد أسرهم عن تخويفهم أو الضغط عليهم بأنهم سيفشلون.

 

وشدد فرويز على أن توقيت لجوء الطالب إلى طبيب نفسي مهم جدًا، والذي يكون مع شعوره بتغير في حياته، بمعنى أنه عندما يُلاحظ الطالب أى تغير في أنماط حياته، مثل حدوث اضطرابات في النوم أو الطعام سواء بالزيادة أو النقصان، وقلة التركيز وفقدان الشغف عليه اللجوء إلى الطبيب. 

وخلص إلى أنه رغم تزايد حالات انتحار طلاب الجامعات بالكليات أو بالسكن الجامعي، إلا أنه لا يُمكننا توصيفها بالظاهرة، لأن الظاهرة تعني أن نسبة 25% من طلاب الجامعات أو المقيمين فى المُدن الجامعية ينتحرون. 

 

حسابات عاطفية 

 

وأرجع الدكتور طه أبوحسين أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية دوافع الانتحار إلى هواجس تُصيب الطالب ويخيل له الشيطان خيالات معينة كل مرتكزاتها عاطفية غير مادية، يكون من خلالها المنتحر وهو الطالب هنا مُقدما على الانتحار وفق قناعة شديدة ولا يكتشف الجُرم وخُطورته إلا بعد دخوله في مرحلة الانتحار والتي يصعب العدول عنها.

وقال «أبوحسين» فى تصريحات صحفية إن الحل لتجنب الطلاب النهاية المأساوية، يكمن في التسليم للحساب المادي والتخلي عن الحسابات العاطفية والخيالات، موضحًا أن المشكلة ترجع إلى اعتماد الطالب على عاطفته في تلك الفترة.

وأشار إلى أن وقوع حوادث انتحار الطلاب داخل المدن الجامعية أو الكليات، لا يعني تعمُد اختيارهم لتلك الأماكن لإنهاء حياتهم، إلا أن التخيلات العاطفية تنتهي بهم إلى وجودهم بين أربعة حوائط ويعتقد الطالب أنه لا مخرج سوى التخلص من الحياة؛ لاعتقاده أن برسوبه ستنتهي الدنيا وتخرب.

 

وأكد «أبوحسين» أن الطالب الذي يلجأ إلى الانتحار لم يجد من يدعمه سوى طالب زميل ضعيف مثله في الغالب، ولذلك هو يحتاج في هذا السن إلى دعم قوي من الأسرة لأنه في سن الاختلالات العاطفية.

 

ونصح كل أسرة بمتابعة ابنها في غربته واستيعابه لتخفيف الضغوط التي يتعرض لها خلال الدراسة، من خلال التواصل الدائم وسؤاله عن حاله، مع تأكيدها على أن سلامته في المقام الأول في حال النجاح والفشل على حدٍ سواء، ولا يحصرونه في حالة النجاح أو الفشل، خصوصًا أنه الوحيد المعني بها والذي يهدف إليها، وتليها سعادة الأسرة مترتبة على سعادة الفرد، أي أنه على الأسرة إشباع الكفايات الثلاث لنجلهم وهي الكفاية المادية ثم الثقافية والعاطفية، حتى إن الشاب لو تعرض لانحراف ما في الحياة سيعود بسرعة إلى جدوى الطريق ويبصِّر نفسه بأنه سيصل للنجاح حتى وإن فشل في البداية.