إلزام شركات المناطق الحرة بسداد استهلاكها من الغاز بالدولار يفاقم أزمات الاستثمار بمصر

- ‎فيتقارير

 

 

وكأن الاستثمار في مصر في زمن المنقلب السفيه السيسي يعايش الانتعاش الاقتصادي، تأتي قرارات حكومة  الانقلاب ، لتعيق ما هو موجود من استتثمارات في البلاد، وعلى الرغم من إعلان مصطفى مدبولي مرارا وتكرار عن جملة من التسهيلات للشركات والمستثمرين، وتقديم العديد من التسهيلات والامتيازات، لتشجيع الاستثمار بمصر، جاء قرار الحكومة المعلن أمس في الجريدة الرسمية،  بإلزام شركات المناطق الحرة والاقتصادية بدفع فواتير استخدامها من الطاقة والغاز بالدولار.

وأصدر مصطفى مدبولي، رئيس وزراء الانقلاب قرارًا بأن يتم سداد قيمة استهلاك الغاز الطبيعي بالدولار الأمريكي لمشروعات المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية، وفيما عدا ذلك يكون سداد قيمة الغاز الطبيعي بالمعادل بالجنيه المصري، وفقًا لمتوسط سعر الدولار المعلن رسمياً بالبنك المركزي المصري خلال الشهر السابق لفترة الاستهلاك محل المحاسبة.

 

كما أصدرمدبولي ، قرارًا بتحديد سعر بيع الغاز الطبيعي المورد لتوليد الكهرباء بـ 4 دولارات/ مليون وحدة حرارية بريطانية لشركات إنتاج الكهرباء التابعة لوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة أو الشركات الأخرى.

وأوضحت الجريدة الرسمية أنه فيما عدا المناطق الحرة والاقتصادية يكون سداد قيمة الغاز الطبيعي بالمعادل بالجنيه المصري، وفقا لمتوسط سعر الدولار المعلن رسمياً بالبنك المركزي المصري خلال الشهر السابق لفترة الاستهلاك محل المحاسبة.

 

 

معاناة مستمرة

 

يشار إلى أن لجوء المستثمرين للعمل بنظام المناطق الحرة والقوانين الخاصة يرجع إلى وجود مشكلة سياسية، تتمثل في عدم سهولة الإجراءات ومحاولة حلها بطرق بديلة.

 

ووفق خبراء اقتصاديين، فأن حل مشاكل الاستثمار والمستثمرين يتطلب تعديلا شاملا لنظام تأسيس الشركات وتسهيل أعمال المستثمرين، ليصبح نظاما دائما، يحقق كافة طلبات المستثمرين المصريين والأجانب، وهو ما يتعارض مع قرار الحكومة الأخير، وذلك على الرغم من أن 54% من إنتاج المناطق الحرة، يتجه إلى السوق المحلية، وفق تقديرات وزارة المالية المصرية.

 

وكانت ندوة عقدها المركز المصري للدراسات الاقتصادية حول أداء المناطق الحرة بكل من مصر والإمارات وتركيا، في مايو الماضي،  أكدت على ضرورة إصلاح نظام الاستثمار الداخلي، ولو على مراحل زمنية طويلة، مشيرة إلى أن تطبيق الإصلاح الشامل لإدارة الاستثمار المحلي، لن يجعل المستثمرين في حاجة إلى التكالب على العمل بالمناطق الحرة، مع دراسة تحويل بعض المناطق الحرة غير المشغولة إلى مشروعات بديلة.

بجانب ضرورة إزالة أعباء التشغيل عن المستثمرين بالداخل، وتوحيد النظام الضريبي، وحل مشكلة شح الدولار، وتسهيل إجراءات إقامة المشروعات والخروج من السوق، لتحل المناطق الاستثمارية العادية محل المناطق الحرة.

واتهم مستثمرون هيئة الرقابة الصناعية بأنها تقوم بدور كارثي تجاه المستثمرين، داخل البلاد، بما يدفعهم لطلب العمل في المناطق الحرة، هربا من قيودها المتعسفة.

 

 

في غضون ذلك، حذر ممثلو غرفة الصناعات التصديرية، المشاركون بالندوة، من عدم قدرتهم على شراء احتياجاتهم اليومية العاجلة من السوق المحلية، ومطالبة الشركات باتباع إجراءات طويلة لشراء قطع الغيار ومستلزمات التشغيل البسيطة، تكلفهم أضعاف قيمة المستوردة من الخارج، مع صعوبة في الحصول على الأراضي للتوسع بمشروعات المنطقة الحرة بالقاهرة والإسكندرية والمناطق المزدحمة مقابل بقاء مناطق شاغرة بالكامل، بمحافظة المنيا والبحر الأحمر، رغم إنشائها منذ سنوات.

وكشفت دراسة المركز المصري ، عن ضعف أداء المناطق الحرة في مصر مقارنة بتركيا والإمارات، رغم ظهورها في مصر مطلع القرن العشرين، وإقبال المستثمرين على العمل بها، للهروب من الإجراءات الروتينية والرسوم الهائلة التي تفرضها الجهات المحلية والوزارات المتعددة، التي تتحكم في فرص الاستثمار الطبيعي داخل البلاد، بما يدفع المستثمرين إلى المناطق الحرة، أملا في تسهيل الأعمال، وليس تهربا من الضرائب.

 

وأوضحت أن الحكومة أقامت 218 منطقة حرة خاصة، واستحوذت القاهرة على عدد أكبر من فرص التوظيف بها، تليها الإسكندرية ويشترك الطرفان في الهيمنة على معظم أعمال المناطق الحرة وصادراتها للخارج، التي تتركز حول صناعة الملابس والمنتجات البترولية، الدراسة نفسها أوضحت أن المناطق الحرة في مصر هي الأقدم من حيث تاريخ إنشائها في المنطقة، وتشكل صادرات المناطق الحرة المصرية النسبة الأكبر من حيث نسبة مساهمتها في صادرات الدول محل المقارنة، حيث تحتفظ مصر بأكبر عدد من المناطق الحرة، بين الدول المنافسة لها بالمنطقة، بلغت 218 منطقة عام 2024، وتسهم صادرات المناطق الحرة بنحو 22.2 مليار دولار، تعادل، نصف الصادرات المصرية عام 2022، مقابل 18 مليار دولار في تركيا، و105 مليارات دولار في الإمارات.

 

رصدت الدراسة ضعف معدلات نمو قيمة الصادرات للمناطق الحرة المصرية مقارنة بالإمارات وتركيا، بحساب متوسط معدلات النمو السنوية للمناطق منذ 2017، مؤكدة أنه رغم ارتفاع متوسط النمو بحوالى 7% سنويا إلا أنها تظل النسب الأقل، حيث تصل في الإمارات إلى حوالي 12% وفي تركيا إلى حوالي 8%.

فيما تقول مديرة البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، عبلة عبد اللطيف: إن “المناطق الحرة لم يجر عليها أي دراسة للتقييم منذ نشأتها، وهو ما سعى المركز لدراسته للوقوف على وضع المناطق الحرة في مصر التي تحتاج لمزيد من التطوير والتحسين لتحقيق أعلى عائد منها”.

 

كذلك دعت عبد اللطيف إلى ضرورة تحسين نظام التأسيس للشركات، ودخول الاستثمار بالأساس، وأن تكون خطوات الاستثمار سهلة للجميع دون التقيد بحجم المشروعات.

 

وتستحوذ قطاعات تكرير البترول والملابس الجاهزة والمفروشات على النسبة الأكبر من حجم صادرات المنطقة الحرة في مصر بنسبة تصل إلى ما يقرب من 66%، بينما يعاني قطاع الآلات والمعدات الكهربائية ضعفا وتذبذبا في الأداء التصديري للمناطق الحرة المصرية، بما حجم إنتاجه بنحو 6% من صادرات المناطق الحرة.

ومن ثم ، يأتي قرار دفع رسوم الخدمات الحكومية لشركات المناطق الحرة بالدولار، ليزيد أوجاع وأزمات تلك الشركات، وهو ما ينعكس على الاقتصاد المصري المريض أساسا.