بعد انسحاب الشركات المنتجة من السوق المصري…60% من أصناف الأدوية غير موجودة في الصيدليات

- ‎فيتقارير

 

 

يعاني المرضى في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي من ظاهرة اختفاء الأدوية من الصيدليات، ما يهدد حياتهم بالموت  .

ويؤكد عاملون في قطاع الأدوية أن نسبة الأدوية الناقصة بلغت نحو 60% من الأصناف المختلفة ونحو 80% من الكميات المطلوبة للصيدليات شهريا، خلال الأسبوعين الماضيين.

وقالوا: إن “الأدوية الناقصة لم تعد قاصرة على الأمراض المنتشرة كالكبد والسكر والقلب والأورام والمخ والأعصاب، بل امتدت إلى طعوم الأطفال خارج جدول التطعيم الرسمي، وغيرها”. 

وكشف صيادلة عن عدم قدرتهم على الحصول على حصتهم الشهرية من الأدوية من الشركات، مؤكدين أن الأزمة تسبب لهم مشاكل هائلة مع المشترين والمرضى، الذين يعتقدون أن الصيادلة يمتنعون عن البيع أملا في الحصول على سعر أعلى، خاصة عقب إعلان حكومة الانقلاب أنها تدرس طلب مصانع الأدوية بزيادة الأسعار. 

وقال الصيادلة: إن “اختفاء الأدوية لم يعد قاصرا على أرفف الصيدليات، بل شمل مخازن التوزيع والشركات المنتجة التي لجأت إلى تخفيض الإنتاج أو وقفه تماما”.

كانت حكومة الانقلاب قد شكلت لجنة استشارية تتولى مراجعة أسعار الدواء كل 6 أشهر، في محاولة لمراعاة مصالح الشركات مع تذبذب سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية منذ تحرير سعر الصرف في مارس 2024. 

فيما فشلت المفاوضات التي أجراها جمال الليثي رئيس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات في التوصل إلى حلول حاسمة حول طلب الشركات زيادة بنحو 50% بأسعار 1500 دواء بصفة عاجلة، مع إعادة تسعير باقي المنتجات الدوائية التي تأثرت بتراجع الجنيه ثلاث مرات متتالية خلال عامين. 

فشل المقاوضات دفع بعض الشركات إلى الانسحاب من السوق المحلية والتوجه إلى العمل بالسعودية وكينيا، بينما لجأت شركات أخرى إلى التفاوض مع حكومة الانقلاب لرفع أسعار بعض منتجاتها لحين إصدار قرار عام بزيادة الأدوية. 

 

الأسعار

 

في هذا السياق كشفت مصادر بحكومة الانقلاب أن هيئة الدواء المصرية، وضعت خطة تدريجية لرفع أسعار الأدوية بواقع 30% على امتداد عام و3 أشهر. 

وزعمت المصادر أن رفع الأسعار سوف يشجع شركات الأدوية على انتاج كميات أكبر من أصناف الأدوية الناقصة .

وقالت: إن “اللجنة ستصدر توصياتها لهيئة الدواء التي ستتولى إصدار قرارات زيادة الأسعار على نحو دوري حسب أوضاع السوق”.

وأضافت المصادر، عمل اللجنة لن يقتصر فقط على بحث أسعار الدواء في ضوء تغير سعر الصرف والمعطيات الاجتماعية، بل سيمتد للنظر في أسعار الأدوية التي يتم توريدها للمستشفيات الحكومية أيضا .

 

 

1200صنف

 

وأكد مدير صيدليات شهيرة لديها مئات الفروع بالمدن الكبرى أن أسماء الأدوية الناقصة تربو على 1200صنف منها أدوية السكر ميكستارد المحلي ونوفا روم المستورد، وجميع البدائل. 

وقال مدير الصيدليات الذي رفض الكشف عن اسمه: إن “حليب الأطفال يأتي على قائمة المنتجات الطبية المحلية والأجنبية الناقصة بكافة الصيدليات، وتنتشر في السوق الموازية لبيع الدواء بأسعار خيالية، مع عبوات الفيتامينات ومنشطات الذاكرة لمقاومة الزهايمر وأمراض الشيخوخة”. 

 

مرضى السرطان

 

وطالب مركز الحق في الدواء  الجهات المختصة بسرعة توفير حقن أندوكسان Endoxan لمرضى الأورام السرطانية، مؤكدا أن جلسات الكيماوي لبعض الأورام متوقفة في المستشفيات، بسبب عدم وجود هذه الحقن.

وقال الدكتور محمود فؤاد المدير التنفيذي لمركز الحق في الدواء: إن “حقن أندوكسان Endoxan  للأورام السرطانية غير متوفرة ، مؤكدا أن مرضى السرطان في أشد الاحتياج للعلاج، لكن مطالباتهم بتوفير هذه الحقنة أصبحت دون جدوى”.

وأكد “فؤاد” في تصريحات صحفية أنه بالاتصال بالشركة المنتجة نفت الأزمة، في الوقت الذي تنفى الشركة الحكومية الموزعة وجود الدواء لديها.

وحذر من أن المرض الخبيث يأكل في أجساد المرضى، لافتا إلى أنها مأساة الالاف في المعاهد والمستشفيات.

وشدد “فؤاد” على ضرورة تدخل دولة العسكر والجهات المختصة لتوفير العلاج لمرضى الأورام السرطانية.

 

حقنة الأنسولين

 

في نفس السياق ‏يبحث مرضى السكر عن حقنة الإنسولين دون جدوى،  خاصة أن مصر في زمن العسكر تعاني من ظاهرة نفص الأدوية،  ما دفع عشرات المرضى إلى الوقوف أمام صيدلية الإسعاف وسط القاهرة في الجو الحار لشراء حقنة الأنسولين، وذلك استمرارا لتصاعد ظاهرة نقص أصناف أدوية حيوية رغم زيادتها ٣٥% على الورق”.

ويؤكد الأطباء عدم استطاعتهم علاج المرضي، كما يشكو الصيادلة أيضا من الخراب المستعجل،  وأنهم مهددون بإغلاق صيدلياتهم.

 

هيئة الدواء

 

وقال الدكتور محفوظ رمزي، رئيس لجنة تصنيع الأدوية بنقابة الصيادلة: إن “هيئة الدواء أرسلت خطابات إلى شركات الأدوية للموافقة على زيادة أسعار منتج واحد لكل شركة بمتوسط زيادة يتراوح بين 20-25% لمعظم الأصناف، موضحا أن أسعار أدوية الفيتامينات والمكملات الغذائية زادت بنسبة تصل إلى 50%، على أن يتم تطبيق الزيادة مع بداية الإنتاج الجديد لكل منتج، والمتوقع مطلع أغسطس المقبل”. 

وأكد رمزي في تصريحات صحفية، أن أصناف الدواء غير المتوفرة سيتم توافرها قريبا، مؤكدا أن هيئة الدواء وافقت على زيادة بعض أسعار الدواء شريطة أن تنتج الشركات نواقص أدويتها بالسعر القديم. 

 

تراجع الجنيه

 

وأكد خبير التمويل والاستثمار الدكتور وائل النحاس، أن أزمة الدواء ستظل رهينة إعادة تسعير مستلزمات التصنيع والمنتجات الدوائية وفقا للمتغيرات التي أحدثها التراجع بقيمة الجنيه خلال الفترة ما بين 2023 و2024، والتي شهدت تثبيتًا لأسعار الأدوية المنتجة والمستوردة رسميا. 

وقال النحاس في تصريحات صحفية: إن “شركات الأدوية تطالب بأن يسعر الدواء وفقا للتغيرات التي طرأت على سعر الجنيه الذي شهد تراجعا بنحو 40% خلال العام الجاري، و30% عام 2023، بالإضافة إلى ما تحملته الشركات من زيادة في أسعار الطاقة والوقود والنقل والتشغيل والأجور، وهو ما يعني مضاعفة الأسعار عما هو مطبق حاليا”. 

وأضاف، إن حكومة الانقلاب أصبحت عالقة بين ضرورة السماح لشركات الأدوية بزيادة الأسعار لاستعادة الزخم في عمليات التصنيع، ومراهنتها على عنصر الوقت كي تتمكن الأسواق من امتصاص الزيادة في معدلات التضخم وتقليل نفقات التشغيل بما يمكّن من تخفيض النسبة النهائية المتوقعة في سعر الدواء.