نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن أمير عفيفي، لواء متقاعد في جيش الاحتلال، قوله: “نحن في وضع حيث وتيرة إعادة بناء حماس لنفسها أعلى من وتيرة القضاء عليها من قبل الجيش الإسرائيلي”، مدعيًا أن “محمد السنوار يدير كل شيء”. وتجاهل متحدثو حماس التعليق.
وتحت عنوان “محمد السنوار يعمل على بناء نسخة جديدة من حماس”، زعمت الصحيفة أن محمد السنوار (شقيق القائد الشهيد يحيى السنوار) في قلب جهود إحياء حماس. وعندما قتل الاحتلال شقيقه في أكتوبر، قرر قادة الحركة المقيمون في العاصمة القطرية الدوحة تشكيل مجلس قيادة جماعي بدلًا من تعيين زعيم جديد.
وادعى التقرير أن مقاتلي حماس في غزة لم يلتزموا بذلك، وهم الآن يعملون بشكل مستقل تحت قيادة السنوار الأصغر، وفقًا لوسطاء عرب مشاركين في محادثات وقف إطلاق النار.
والقائد محمد السنوار، 50 عامًا، يُعتبر مقربًا من شقيقه الأكبر أبو إبراهيم، الذي كان يكبره بأكثر من 10 سنوات.
وسرد الموقع وفقًا للرواية الصهيونية انضمام السنوار الأصغر إلى حماس في سن مبكرة كما هو الحال مع يحيى السنوار، وكان مقربًا من قائد الجناح العسكري للحركة محمد ضيف.
وأضافت الصحيفة أنه لم يقضِ وقتًا طويلًا في سجون الاحتلال على عكس شقيقه الذي قضى أكثر من عقدين فيها. ويُعرف عنه القليل من قبل الأجهزة الأمنية الصهيونية، حيث عمل في الغالب في الخفاء، مما أكسبه لقب “قائد الظل” الذي يحاول جيش الاحتلال العثور عليه، بحسب مسؤول كبير في جيش الاحتلال. وهو من قادة المنطقة الجنوبية التي تدير المعركة في غزة.
محمد السنوار أحد المسؤولين عن اختطاف جندي “إسرائيلي” في عام 2006، وهو الحادث الذي أدى في نهاية المطاف إلى إطلاق سراح شقيقه في صفقة تبادل أسرى بعد خمس سنوات، وفقًا لمسؤولين صهاينة للصحيفة.
وادعت الصحيفة أنه مع مقتل يحيى السنوار ومحمد ضيف ونائب ضيف، أصبح محمد السنوار الآن القائد الأعلى لحماس في غزة إلى جانب عز الدين حداد، القائد العسكري في شمال غزة، وفقًا لمحللين سياسيين يدرسون شؤون الحركة.
وكانت تل أبيب تعتقد أن حماس تمتلك ما يصل إلى 30 ألف مقاتل منظمين في 24 كتيبة ضمن هيكل يشبه إلى حد ما الجيش النظامي قبل الحرب. ويقول جيش الاحتلال إنه دمر هذا الهيكل المنظم وقتل حوالي 17 ألف مقاتل واحتجز آلافاً آخرين.
الصحيفة ناقضت نفسها حيث ذكرت أنه “لم تعلن حماس، التي يقول مسؤولون “إسرائيليون” وعرب إنها لا تزال تسيطر على مناطق واسعة من قطاع غزة، عن عدد مقاتليها الذين فقدتهم، كما لا يزال أعداد المجندين الجدد في الحركة غير واضح”.
تجنيد مقاومين
ونقلت عن الجيش الصهيوني قوله: إن حماس جندت مئات الأشخاص في الأشهر الأخيرة، وأن عملية التجنيد تحدث في جميع أنحاء غزة، مع التركيز على الشمال. ويقول مسؤولون عرب إن “إسرائيل” أخبرتهم أن العدد قد يصل إلى الآلاف.
ويشن المقاتلون الجدد، رغم افتقارهم للخبرة، هجمات خاطفة ضمن خلايا صغيرة مكونة من بضعة مقاتلين فقط، مستخدمين أسلحة خفيفة وأخرى مضادة للدروع لا تتطلب تدريبًا عسكريًا كبيرًا.
وزعمت الصحيفة أن حماس تجند المقاتلين الجدد بوعود بتوفير المزيد من الطعام والمساعدات والرعاية الطبية للشباب وأسرهم، وفقًا لمسؤولين عرب، الذين يقولون إن المسلحين أحيانًا يسرقون المساعدات الإنسانية أو يجبرون المدنيين على العمل مع الحركة.
وتضغط الولايات المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية على الكيان منذ فترة طويلة للسماح بإدخال المزيد من المساعدات إلى قطاع غزة، حيث يعاني السكان من الجوع وارتفاع الأسعار.
وأشارت الصحيفة إلى الرأي الصهيوني من أن الكيان يسمح بإدخال كميات كبيرة من المساعدات، لكنها تشير إلى مشكلات في التوزيع من قبل المنظمات الإغاثية وإلى عمليات النهب التي تقوم بها قوى مثل حماس كعقبات تعيق وصول المساعدات إلى الفلسطينيين.
وزعمت الصحيفة، المعروفة بولائها للصهاينة، أن مسلحي حماس استهدفوا أيضًا الجنازات والتجمعات للصلاة لتجنيد الشباب الفلسطينيين الغاضبين، وفقًا لهؤلاء المسؤولين.
وتطيل حملة التجنيد هذه أمد الحرب التي بدأت بهجمات تقودها حماس في السابع من أكتوبر 2023، والتي أسفرت عن مقتل حوالي 1,200 شخص وأخذ حوالي 250 رهينة، وقد قُتل حوالي 400 جندي “إسرائيلي” أثناء القتال في غزة، بحسب الأرقام الصهيونية.
وتجاوز عدد القتلى في غزة أثناء الحرب 46 ألف شخص، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية، دون تحديد عدد المقاتلين بينهم.
ورأت الصحيفة أن حماس تلقت ضربة قاسية في الخريف الماضي عندما قتلت “إسرائيل” يحيى السنوار، زعيم الحركة والمهندس وراء هجمات 7 أكتوبر. لكن الجماعة، التي تصنفها الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية، تمتلك الآن سنوار آخر يقودها، وهو محمد، شقيق يحيى الأصغر، الذي يعمل على إعادة بناء الحركة المسلحة.
وعن أرقام يعلنها كيان الاحتلال، فقد ذكر أنهم دمروا طوال 15 شهرًا معاقل حماس في قطاع غزة، وقتلوا آلاف المقاتلين ومعظم قياداتها، وأغلقوا المعابر الحدودية التي قد تستخدمها لإعادة التسلح.
وزعمت الصحيفة أن المجموعات المدربة والمسلحة التي اقتحمت جنوب الكيان في 7 أكتوبر 2023 ضعيفة للغاية. ولكن العنف خلق جيلًا جديدًا من المجندين المحتملين، وترك غزة مليئة بالذخائر غير المنفجرة التي يمكن لمقاتلي حماس تحويلها إلى قنابل بدائية.
تحدي نتنياهو
وتشكل حملة التجنيد والمعارك المستمرة بقيادة السنوار تحديًا جديدًا لـ”إسرائيل”. فعلى الرغم من أن الجيش الإسرائيلي ألحق أضرارًا بالغة بالحركة في غزة، إلا أنه اضطر على مدى أشهر للعودة إلى مناطق سبق أن طهرها من المسلحين لمواجهة معارك جديدة. وتسلط هذه الدائرة الضوء على صعوبة إنهاء حرب استنزفت القوات الصهيونية وما زالت تهدد حياة الرهائن المحتجزين في غزة، بحسب مزاعم الاحتلال.
وأمضى جنود الاحتلال شهورًا في قتال جديد مع حماس في شمال غزة، وأظهر الجيش الإسرائيلي في وقت سابق من هذا الشهر عدد المسلحين الذين لا يزالون ينشطون، حيث قال إنه ألقى القبض على أكثر من 240 مقاتلًا من حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني في معركة واحدة داخل مستشفى في المنطقة.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرها الجناح المسلح لحماس على الإنترنت أساليب القتال الحالية للحركة في شمال غزة.
ويظهر أربعة مقاتلين في أحد المقاطع من أواخر العام الماضي وهم يقتربون من دبابة ويثبتون جهازًا يؤدي إلى تفجيرها، ويظهر مسلح من حماس في مقطع آخر يتنقل بين أنقاض مبنى مدمر قبل أن يطلق قذيفة صاروخية على دبابة.
وتحولت غزة، التي كانت مركزًا حيويًا للحياة الفلسطينية، إلى أنقاض، حيث يعيش معظم سكانها، الذين تجاوز عددهم قبل الحرب أكثر من مليوني نسمة، في مخيمات مؤقتة على طول الشاطئ.
وباءت شهور من الجهود للتوصل إلى وقف لإطلاق النار يضمن إطلاق سراح العديد من الرهائن المحتجزين في غزة بالفشل، وسط خلافات عميقة حول قضايا من بينها مطلب “إسرائيل” بمواصلة القتال بعد أي وقف مؤقت.
وقد أثبت محمد السنوار أنه عنيد مثل شقيقه الأكبر في الدفع نحو وقف إطلاق نار دائم يضمن بقاء حماس، وفقًا لمسؤولين عرب يتوسطون في المحادثات.
وكتب محمد السنوار في رسالة للمسؤولين الوسيطين، نُقلت لصحيفة “وول ستريت جورنال” في أواخر العام الماضي: “حماس في موقع قوي جدًا لتحديد شروطها”.
وأضاف في رسالة أخرى: “إذا لم تكن هناك صفقة شاملة تنهي معاناة جميع سكان غزة وتبرر دماءهم وتضحياتهم، فإن حماس ستستمر في القتال”.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن القتال سيستمر حتى يتم القضاء على حماس.
وزعمت الصحيفة أن “إسرائيل” أضعفت قدرة حماس على تهريب الأسلحة من خلال إنشاء ممرات أمنية داخل القطاع والسيطرة على الحدود التي تمتد 9 أميال بين مصر وغزة. ومع ذلك، كانت لدى الحركة مخزونات كبيرة من الأسلحة قبل الحرب ولا تزال قادرة على إطلاق الصواريخ.
ومن ثم ناقضت نفسها عندما قالت: “تُظهر صعوبة “إسرائيل” في اجتثاث حماس تباينًا مع نجاحها في القضاء على العديد من قيادات الحركة البارزين داخل غزة وخارجها، ومع صد حزب الله في لبنان”.
وأضافت أنه “أجبرت “إسرائيل” حزب الله على قبول وقف إطلاق النار هناك، مما أدى إلى تخفيف القتال، بعد أن قدمت الميليشيا المدعومة من إيران دعمها لحماس في الحرب من خلال إطلاق صواريخ يومية تقريبًا على “إسرائيل”.
السفير الأمريكي لدى الكيان، جاك لو، قال في 10 يناير إن الولايات المتحدة تعتقد منذ فترة طويلة أن وضع تدمير حماس كهدف كان خطأ. ودفعت الولايات المتحدة “إسرائيل” لوضع خطة لإدارة قطاع غزة بعد الحرب حتى يتم إضعاف حماس.
ويتفق كثيرون في المؤسسة الأمنية الصهيونية مع هذا الطرح ويريدون من الحكومة تقديم إدارة جديدة يمكنها مواجهة سيطرة حماس على أجزاء من القطاع، حيث يُنظر إلى السلطة الفلسطينية كخيار واقعي وحيد.
وعارض بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال، أي دور للسلطة الفلسطينية، التي تدير أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، ولا يبدو أن أطرافًا أخرى، مثل الدول العربية، على استعداد لتولي إدارة غزة بينما تظل حماس تهديدًا عسكريًا. ولم يرد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي على طلب للتعليق.
وقال يوئيل غوزانسكي، من معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب: “تلقت حماس ضربة كبيرة جدًا، لكنها لا تزال موجودة”، وأضاف: “سوف يعيدون التجنيد والتسلح”.