كتب- سيد توكل:
تعرضت جماعة الإخوان المسلمين طوال تاريخها المملوء بالنضال والكفاح، إلى منحنيات وضغوط شديدة حول تمسكها بالأهداف التي تعمل عليها ، وكانت كل مرة تخرج من تلك الأزمات وهى ثابتة على أهدافها مستمرة في مشروعها الإسلامي، واليوم يتساءل البعض، هل سيهتز عند الجماعة موقف ” الثبات “ في هذا الشأن وتتراجع عن بعض ثوابتها ؟ ، وهل ستهتز الرؤية التي أقرها مجلس شورى رابعة عام 2013 ، وكانت بالإجماع؟
لم يبدأ تاريخ صمود الجماعة في 30 يونيو 2013، بل منذ تأسيسها عام 1928، يحسب للجماعة أنها كما كشفت عن تآمر السفيه عبد الفتاح السيسي، كشفت قبل ذلك عن تآمر الجيوش العربية وتواطئها مع العصابات الصهيونية على أرض فلسطين، يقول الشهيد سيد قطب:"إن هذه الجيوش العربية التي ترونها ليست للدفاع عن الإسلام والمسلمين، وإنما هي لقتلكم وقتل أطفالكم ونسائكم، ولن تطلق طلقة واحدة على الكفار واليهود".
من جانبه يقول الدكتور خليل العناني، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية:"علي الرغم من معاناة الإخوان فلا يزال التنظيم يحتفظ ببنيته وهيكله الأساسي بخاصة في الأرياف والمحافظات بعيداً من المدن الكبيرة وهو ما يعكس مقداراً عالياً من التماسك والصمود في مواجهة الأزمة الراهنة".
صمود الإخوان
ويقول الكاتب والمحلل السياسي الدكتور "عز الدين الكومي" :" بصمود الإخوان انكشفت أقنعة الليبرالية والعلمانية الزائفة، كما أن صمود الإخوان قد عرّى شيوخ السلطة وعملاء الشرطة، الذين باعوا دينهم بدنيا غيرهم ، من خلال تملقهم للطغاة، ومجاراتهم في ما يطلب منهم من فتاوى أقل ما توصف به أنها لا تمت للإسلام بصلة".
وأضاف:"كان لثبات الإخوان الدور الأكبر فى كشف فساد قضاة جهنم، وإبطال المقولة الكفرية بأنه لا تعقيب على أحكام القضاء الشامخ، وأن الذي لا تعقيب على حكمه هو رب العزة سبحانه وتعالى، كما فضح الإخوان الإعلام العكاشي وفضائيات الانقلاب وإعلام مسيلمة الكذاب، وكل الأذرع الإعلامية للشؤون المعنوية لعسكر كامب ديفيد، الذين يتلقون توجيهاتهم من دحلان وأولاد زايد".
وتابع :"يكفي أن الإخوان كان لهم الدور الأكبر في كشف وفضح مخططات عسكر كامب ديفيد، وأنهم لم يتمكنوا من الاستيلاء على السلطة إلا بانقلاب عسكري بغيض، وعروا قيادات عسكر كامب ديفيد، الفاسدة المتعاونة مع الصهاينة، التي باعت الأرض والعرض، كما باعت حصة مصر التاريخية من مياه النيل، وباعت ثروات مصر من الغاز للصهاينة وقبرص واليونان".
هدف الانقلاب
يقول الدكتور "محمد المرسي" :" ليس هدف الانقلاب العسكري فقط إزاحة وإبعاد الإخوان عن مقعد الرئاسة والحكم فهذا أحد المحاور، إنما ضرب المشروع الإسلامي وما يحمله من مفاهيم وقيم وسلوكيات، وضرب الكيانات المؤثرة التي تحمل هذا المشروع وفى مقدمتها الإخوان المسلمين ، ومحاولة استئصالها أو إضعافها إلى أقصى حد ممكن، وإبعادهم عن ساحة التأثير فى المجتمع بعد أن التفت الجماهير حولها ، وكذلك تغيير المجتمعات من داخلها وفق المنظومة التى يريدونها" .
ويضيف:"وبالنسبة لإسرائيل ، فمع اشتراكها فى الهدف الرئيسي ، تهدف أيضاً إلى ضرب مشروع المقاومة الفلسطينية ، وكذلك تدمير مقدرات الدولة المصرية ، حيث لم يبق من أضلاع مثلث دول المواجهة إلا مصر بعد تحطيم العراق وسوريا ".
موضحًا: "أما موقف أمريكا بالنسبة للحكم فى مصر ، فهى تحرص أن يستقر الحكم فيها على يد أحد الرجال التابعين لها بما يضمن مواجهة المشروع الإسلامي ، وهو ما يتوفر فى حكم العسكر ، وأن تكون مهيمنة على القرار فى مصر ، فإذا لم يتحقق ذلك فإنها لا تعارض فى حدوث الفوضى فى مصر بل تساعد على ذلك ؛ خاصة أن دور مصر الإقليمي أخذ يتضاءل" .
إيد واحدة
إن رؤية ومطالب الجماعة هى نفسها رؤية الثوار الذين اصطفوا معها ونزلوا إلى ميادين وشوارع مصر طوال عدة سنوات وما زالوا حتى اليوم ، وتتلخص تلك الرؤية وما تحمله من مطالب وأهداف في الآتى:
1- استمرار الحراك الثورى السلمي بمظاهره المختلفة ضد الانقلاب وضد حكم العسكر ، والمطالبة بعودة الشرعية ، إلى أن يتم تحقيق أهداف الثورة.
2- استمرار التمسك بالأهداف المعلنة لثورة الشرعية ، والتي يعمل عليها المشروع الإسلامي فى مواجهة الهجمة الحالية وعدم التراجع عنها أو السكوت عن بعضها.
3- الاستفادة من أىّ وضع أو حلّ مرحلى قد يفرض نفسه ، لكن دون التنازل عن الأهداف أو عن استمرار المطالبة بها والحراك بشأنها حتى تتحقق كاملة.
4- لا تنازل عن إزاحة رأس الانقلاب ، وعن الإفراج عن جميع المعتقلين والذين صدرت أحكام بشأنهم ، كخطوة أولى فى أىّ تصور عملى للحل.
5- ضرورة القصاص العادل من المجرمين ، وعدم التنازل عن حق الشهداء والمصابين والمعتقلين.
6- استمرار الجماعة فى قيادة المشروع الإسلامى الإصلاحى ، والحراك الوطنى المطالب بالحرية والديمقراطية.
7- الجماعة تتبنى مفهوم الاصطفاف الوطنى ، وأن هناك شركاء معها تحرص عليهم ، آمنوا بتحقيق الأهداف التى تعمل عليها الثورة ، وعلى رأسها : إسقاط حكم العسكر ، وتفكيك الدولة العميقة ، والحرص على مدنية الدولة ، ومبادىء الحرية والديمقراطية الكاملة ، والعدالة المجتمعية.
8- الجماعة ترفض إقصاء أىّ فصيل وطنى ، حتى ولو كان يعمل على جزء من الأهداف وليس كلها وقاعدتها المعلنة فى ذلك : ” نتعاون فيما اتفقنا عليه ، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ”.
9- تتمسك الجماعة بشمولية عملها فى المشروع الإسلامى ، وتحقيق محاوره وأهدافه السبعة ، كما جاءت فى ركن العمل فى رسالة التعاليم.
10- الجماعة تتمسك بما قاله المؤسس الإمام البنا ، وتعمل على ذلك : ” ندعو إلى الإسلام الذى جاء به محمد صلي الله عليه وسلم والحكومة جزء منه ، والحرية فريضة من فرائضه ”.
11- الجماعة تؤمن أن الساحة السياسية على المستوى الإقليمى ، لا يمكن أن تتجمد حول واقع واحد ، ولا بد من حدوث مستجدات ومتغيرات ، وأنَّ ثبات الجماعة واستمرار حراكها الثورى السلمى ، قادر بعون الله على تحويل هذه المستجدات أو أىّ متغيرات لصالح أهدافها ، وأن مشيئة الله وقدرته فوق مشيئة البشر .